📁 آخرالمقالات

بحث حول نظريات التنشئة الاجتماعية قراءة تحليلية في الأسس والمقاربات

نظريات التنشئة الاجتماعية

تعد نظريات التنشئة الاجتماعية محاولات علمية لفهم الآليات التي يكتسب من خلالها الأفراد القيم والمعايير والسلوكيات داخل المجتمع. وتختلف هذه النظريات في منطلقاتها ومفاهيمها المركزية. فالنظرية البنيوية الوظيفية ترى أن التنشئة ضرورية لاستقرار المجتمع، وتُسهم في نقل القيم وضبط الأدوار، كما طرح ذلك تالكوت بارسونز. في المقابل، تركز النظرية التفاعلية الرمزية، كما عند جورج ميد، على التفاعل الرمزي واللغة بوصفهما وسائل لتكوين الذات والهوية الاجتماعية.

بحث حول نظريات التنشئة الاجتماعية قراءة تحليلية في الأسس والمقاربات

أما نظرية التعلم الاجتماعي، التي طورها باندورا، فترى أن الفرد يكتسب السلوكيات من خلال الملاحظة والتقليد والتعزيز. في حين تنطلق النظرية السلوكية من فرضية أن السلوك الإنساني نتيجة للاستجابة للمؤثرات الخارجية.

وتطرح النظرية النقدية والنسوية بعدا مختلفا، إذ تكشفان كيف تستخدم التنشئة لإعادة إنتاج السلطة والتمييز الجندري. يظهر هذا التنوع النظري أن التنشئة الاجتماعية ليست عملية محايدة، بل هي مرتبطة بالبنية الاجتماعية والقيم السائدة، وأن فهمها يتطلب قراءة متعددة الأبعاد تشمل الفرد، التفاعل، والنسق المجتمعي العام.

1. مفهوم التنشئة الاجتماعية

تعرف التنشئة الاجتماعية بأنها "عملية مستمرة يبدأها الفرد منذ ولادته وتستمر طيلة حياته، يتعلم فيها الأدوار الاجتماعية والقيم والثقافة السائدة في مجتمعه". وهي لا تقتصر فقط على الطفولة أو المؤسسات الرسمية مثل الأسرة والمدرسة، بل تشمل كل العلاقات الاجتماعية التي يخوضها الفرد، مثل الأصدقاء، ووسائل الإعلام، والمؤسسات الدينية، وغيرها.

2.تعريف نظريات التنشئة الاجتماعية

نظريات التنشئة الاجتماعية هي مجموعة من الأطر الفكرية التي تسعى إلى تفسير كيف يكتسب الأفراد القيم، والمعتقدات، والمعايير، والسلوكيات اللازمة للاندماج في المجتمع والتفاعل مع أفراده ومؤسساته. تهتم هذه النظريات بفهم العمليات النفسية والاجتماعية التي يتم من خلالها تكوين شخصية الفرد وتشكيل هويته الاجتماعية.

تقدم كل نظرية منظورا مختلفا:

1- النظرية البنيوية الوظيفية تفسّر التنشئة كعملية ضرورية للحفاظ على النظام الاجتماعي.

2- النظرية التفاعلية الرمزية ترى أن الهوية والسلوك تتكوّن من خلال التفاعل الرمزي بين الأفراد.

3- نظرية التعلم الاجتماعي تركز على الملاحظة والنمذجة والتقليد في اكتساب السلوك.

4- النظرية السلوكية تفسر التنشئة كسلوك مكتسب من خلال التعزيز والمثيرات.

5- النظرية النقدية تكشف دور التنشئة في إعادة إنتاج علاقات الهيمنة والسيطرة.

6- النظرية النسوية تركز على الكيفية التي تُغرس بها الأدوار الجندرية عبر التنشئة.

تهدف هذه النظريات مجتمعة إلى فهم كيف يتحول الإنسان من كائن بيولوجي إلى كائن اجتماعي قادر على التواصل والامتثال للقيم والمعايير السائدة في مجتمعه.

3. نظرية التعلم الاجتماعي (ألبيرت باندورا)

تعد نظرية التعلم الاجتماعي التي طورها العالم الكندي ألبيرت باندورا من أبرز النظريات النفسية الاجتماعية في تفسير التنشئة الاجتماعية واكتساب السلوك. تنطلق هذه النظرية من فرضية أن الإنسان لا يتعلم فقط من خلال التجربة المباشرة، بل أيضًا عبر الملاحظة والتقليد للنماذج السلوكية في البيئة المحيطة به.

1. المبادئ الأساسية للنظرية:

1. التعلم بالملاحظة (Observational Learning):

   الفرد يراقب سلوك الآخرين (كالوالدين، المعلمين، الأصدقاء، أو شخصيات إعلامية) ويتعلم من خلالهم دون الحاجة لتجربة السلوك بنفسه.

2. النمذجة (Modeling):

   العملية التي يتم فيها تقليد السلوك الذي شاهده الفرد، خصوصًا إذا كان الشخص النموذجي يتمتع بجاذبية أو مكانة اجتماعية.

3. التعزيز (Reinforcement):

   ليس شرطًا أن يكون التعزيز مباشرًا، بل يمكن أن يكون غير مباشر (كأن يرى الطفل طفلًا آخر يُكافأ على سلوك معين، فيميل لتقليده).

4. الكفاءة الذاتية (Self-Efficacy):

   ثقة الفرد في قدرته على أداء سلوك معين تؤثر في قراره بتقليد ذلك السلوك.

2. أهمية النظرية في التنشئة الاجتماعية:

- تسلط الضوء على دور الأسرة والإعلام والمدرسة كنماذج سلوكية.

- تفسر كيف يتعلم الأطفال القيم والسلوكيات من بيئتهم الاجتماعية.

- توضح أن السلوكيات السلبية (مثل العنف أو التمييز) يمكن أن تنتشر بالتقليد، ما يجعل البيئة المؤثرة حاسمة في عملية التنشئة.

3. نقد النظرية:

- تتهم بالتركيز على السلوك الظاهري وتجاهل العمليات الداخلية المعرفية العميقة.

- لا تفسر بدقة الفروق الفردية في الاستجابة للنماذج ذاتها.

نظرية باندورا تؤكد أن التنشئة الاجتماعية عملية نشطة، يتم فيها التعلم من خلال الملاحظة والتفاعل، وليست مجرد استجابة تلقائية للمثيرات. وهي نظرية تجمع بين السلوكية والمعرفية، وقد أثّرت بعمق في مجالات التربية، الإعلام، وعلم النفس الاجتماعي.

4. النظرية البنيوية الوظيفية (إميل دوركايم - تالكوت بارسونز)

تعد النظرية البنيوية الوظيفية من اهم النظريات الكلاسيكية في علم الاجتماع، وقد اسهم اميل دوركايم وتالكوت بارسونز في تطويرها لفهم كيفية عمل المجتمع واستمراره. تنطلق هذه النظرية من فكرة ان المجتمع يتكون من اجزاء مترابطة، وكل جزء يؤدي وظيفة محددة تسهم في الحفاظ على استقرار النظام الاجتماعي وتوازنه.

1. المبادئ الاساسية للنظرية:

1. النظام الاجتماعي:

   المجتمع نظام منسق تتفاعل فيه البنى مثل الاسرة، التعليم، الدين، والقانون بشكل متكامل.

2. الوظيفة:

   كل مؤسسة اجتماعية لها وظيفة تؤديها لضمان استمرارية المجتمع، مثل دور الاسرة في التنشئة الاجتماعية ودور المدرسة في نقل المعرفة.

3. التوافق الاجتماعي:

   تؤكد النظرية على اهمية القيم المشتركة والاعراف في تعزيز الانسجام بين الافراد.

4. التنشئة الاجتماعية:

   ترى النظرية ان التنشئة اداة اساسية لدمج الفرد في النظام الاجتماعي، حيث يتعلم من خلالها القيم والادوار اللازمة.

2. أهمية النظرية في فهم التنشئة:

- توضح كيف تسهم مؤسسات المجتمع في نقل الثقافة وتنظيم السلوك.

- تبرز دور التنشئة في تكوين الهوية وضبط العلاقات الاجتماعية.

- ترى ان الاستقرار الاجتماعي يعتمد على فاعلية عمليات التنشئة.

3. نقد النظرية:

- تغفل الصراعات والتفاوتات داخل المجتمع.

- تفترض ان كل القيم ايجابية ومقبولة، وتتجاهل التغيير والتمرد.

- تنظر للفرد كعنصر سلبي يتلقى فقط دون مقاومة او وعي نقدي.

تقدم النظرية البنيوية الوظيفية فهما شاملا لكيفية عمل المجتمع من خلال التنشئة الاجتماعية، لكنها تركز على الاستقرار اكثر من التغيير، وتفترض توافقا قد لا يكون واقعيا في المجتمعات الحديثة.

5. النظرية التفاعلية الرمزية (جورج هربرت ميد - هربرت بلومر)

تعد النظرية التفاعلية الرمزية من النظريات السوسيولوجية الحديثة التي ركزت على فهم السلوك الاجتماعي من خلال التفاعل اليومي بين الافراد. وقد طورها جورج هربرت ميد، ثم صاغ اطارها النظري بشكل منهجي تلميذه هربرت بلومر. تنطلق هذه النظرية من ان الواقع الاجتماعي ليس معطى ثابتا، بل يتم تشكيله عبر التفاعلات والمعاني التي يعطيها الناس للاشياء والافعال.

1. المبادئ الاساسية للنظرية:

1. المعاني تنشأ من التفاعل:

   لا توجد معانٍ ثابتة، بل تُبنى من خلال التفاعل الاجتماعي. الافراد لا يتصرفون بناء على الواقع بحد ذاته، بل بناء على المعنى الذي يعطونه له.

2. الرموز واللغة:

   اللغة والرموز هي الادوات الاساسية للتفاعل. فهي تسمح للافراد بفهم بعضهم البعض وتبادل الافكار والمواقف.

3. الذات تتكون اجتماعيا:

   يرى ميد ان وعي الفرد بذاته يتشكل من خلال رؤية نفسه كما يراه الآخرون. وهذا يتحقق عبر عملية تقمص الادوار.

4. الدور الاجتماعي:

   يتعلم الفرد ادواره من خلال المواقف اليومية، ويتغير سلوكه وفقا لتصوراته عن رد فعل الآخرين.

2. أهمية النظرية في التنشئة الاجتماعية:

- تركز على الدور النشط للفرد في عملية التنشئة.

- توضح كيف يكتسب الفرد هويته الاجتماعية تدريجيا من خلال التفاعل.

- تبرز اهمية البيئة الاجتماعية المباشرة في تشكيل السلوك.

3. نقد النظرية:

- تهمل الهياكل الاجتماعية الكبرى مثل الطبقة او السلطة.

- تركز بشكل كبير على التفاعل الصغير متجاهلة التأثيرات الاقتصادية والسياسية.

- تفترض وعيا ذاتيا لدى الفرد لا يكون متوفرا دائما.

تبرز النظرية التفاعلية الرمزية ان التنشئة ليست عملية تلقين ميكانيكي، بل تفاعل مستمر تُبنى من خلاله الذات والمعاني. وهي تسهم في فهم كيف يتشكل السلوك اليومي، لكنها تحتاج الى تكامل مع نظريات اوسع لفهم الصورة الكاملة للمجتمع.

6. النظرية السلوكية (جون واطسون - سكينر)

تعد النظرية السلوكية من ابرز النظريات النفسية التي حاولت تفسير السلوك الانساني بناء على المثيرات الخارجية والاستجابات الناتجة عنها. ظهرت هذه النظرية في بدايات القرن العشرين على يد جون واطسون، ثم قام بورهوس فريدريك سكينر بتطويرها، خاصة في ما يعرف باسم "السلوكية الراديكالية". تركز النظرية على السلوك القابل للملاحظة، وترى ان التعلم يحدث نتيجة التكرار والتعزيز.

1. المبادئ الاساسية للنظرية:

1. السلوك مكتسب:

   الانسان يولد كصفحة بيضاء، ويكتسب سلوكياته من خلال التفاعل مع البيئة.

2. الاشراط الكلاسيكي:

   طوره بافلوف، ويقوم على الربط بين مثير محايد ومثير طبيعي يؤدي الى استجابة معينة.

3. الاشراط الاجرائي:

   طوره سكينر، ويركز على استخدام التعزيز (ايجابي او سلبي) لزيادة احتمالية تكرار السلوك.

4. الثواب والعقاب:

   السلوك المدعوم بمكافأة يتكرر، بينما السلوك المعاقب يقل حدوثه.

2. اهمية النظرية في التنشئة الاجتماعية:

- تقدم تفسيرا عمليا لتعلم السلوك من خلال التكرار والملاحظة.

- توضح كيف تُستخدم المكافآت والعقوبات لتشكيل سلوك الاطفال.

- تؤكد على دور البيئة والتجربة في تشكيل الشخصية.

3. نقد النظرية:

- تهمل العوامل الداخلية مثل التفكير والدافعية والمشاعر.

- تنظر الى الانسان ككائن آلي يستجيب للمنبهات.

- لا تفسر الابداع او السلوك غير المتوقع.

تقدم النظرية السلوكية اطارا فعالا في مجالات مثل التعليم والتربية وضبط السلوك، لكنها تظل محدودة في قدرتها على تفسير العمليات العقلية المعقدة والابعاد النفسية العميقة التي تشكل سلوك الانسان.

7. النظرية النقدية (مدرسة فرانكفورت - هربرت ماركوز وآخرون)

تُعد النظرية النقدية من أبرز الاتجاهات الفكرية التي ظهرت في القرن العشرين كرد فعل على النظريات التقليدية في علم الاجتماع والفكر الغربي، وقد نشأت في مدرسة فرانكفورت في ألمانيا. ضمت هذه المدرسة مجموعة من المفكرين مثل هربرت ماركوز، تيودور أدورنو، ماكس هوركهايمر، يورغن هابرماس وغيرهم. تسعى النظرية النقدية إلى كشف علاقات الهيمنة والسيطرة في المجتمع، وخاصة تلك التي تُمارس من خلال الثقافة والمؤسسات الاجتماعية، بما في ذلك عملية التنشئة الاجتماعية.

1. المبادئ الأساسية للنظرية:

1. التحليل النقدي للواقع:

   ترفض النظرية النقدية فكرة الحياد العلمي، وتركز على نقد البنية الاجتماعية القائمة بهدف تغييرها، لا مجرد فهمها.

2. الهيمنة الثقافية:

   ترى أن المؤسسات مثل الإعلام، المدرسة، الأسرة، تعمل على إنتاج ثقافة تُكرّس الخضوع للنظام الرأسمالي والسلطة السياسية.

3. إعادة إنتاج التفاوت الاجتماعي:

   التنشئة الاجتماعية ليست محايدة، بل تُعيد إنتاج اللامساواة الطبقية والجندرية عبر تعليم الأفراد الامتثال والخضوع للنظام السائد.

4. الاغتراب واللاوعي الجماعي:

   يركز ماركوز على كيف يفقد الفرد حريته وإبداعه نتيجة هيمنة الأيديولوجيا الاستهلاكية.

2. أهمية النظرية في التنشئة الاجتماعية:

- تكشف كيف تُستخدم التنشئة كأداة لضبط الأفراد وإعادة إنتاج العلاقات السلطوية.

- تركز على نقد دور الإعلام والمدرسة في تشكيل الوعي الزائف.

- تدعو إلى تنشئة قائمة على النقد، والوعي، والتحرر الفكري.

3. نقد النظرية:

- تتسم بالتشاؤم المفرط تجاه المؤسسات الاجتماعية.

- لا تقدم بدائل عملية واضحة لعملية التنشئة.

- تركز على الجوانب النظرية أكثر من التطبيقات الميدانية.

تعد النظرية النقدية أداة فكرية قوية لفهم البُعد الإيديولوجي للتنشئة الاجتماعية، إذ تكشف عن الطابع السلطوي والمخفي للعديد من القيم والمعايير التي يُلقَّنها الأفراد. غير أن اعتمادها الكبير على التحليل الفلسفي يجعل من الصعب ترجمتها إلى آليات عملية في التعليم والتنشئة اليومية.

8. النظرية النسوية في التنشئة الاجتماعية

تركز النظرية النسوية على تحليل كيفية قيام التنشئة الاجتماعية بتكريس الفروق بين الجنسين، وإعادة إنتاج الأدوار الجندرية التي تحدد ما يُنتظر من الذكور والإناث في المجتمع. وتعد هذه النظرية امتدادًا لحركات التحرر النسوي التي ظهرت في القرن العشرين، وتسعى إلى كشف الظلم البنيوي الذي تتعرض له النساء داخل المؤسسات الاجتماعية مثل الأسرة، المدرسة، الإعلام، والدين.

1. المبادئ الأساسية للنظرية:

1. الجندر كمنتج اجتماعي:

   ترى النظرية النسوية أن "النوع الاجتماعي" (الجندر) ليس أمرًا طبيعيًا أو بيولوجيًا فقط، بل يُنتج اجتماعيًا من خلال التنشئة، بحيث يُدرَّب الذكر على السلوكيات السلطوية والأنثى على الطاعة والخضوع.

2. الأدوار الجندرية:

   تُربّى الفتيات والأولاد بطريقة مختلفة منذ الصغر، حيث تُوجَّه الفتيات نحو المهام المنزلية والرعاية، بينما يُربّى الأولاد على الاستقلال والمغامرة.

3. النقد الموجه للمؤسسات:

   تنتقد النسويات دور المدرسة والإعلام والدين في فرض صور نمطية عن المرأة والرجل، وتعليم الأطفال أن هناك "أدوارًا طبيعية" لكل جنس.

4. الوعي والتحرر:

   تهدف النظرية إلى رفع وعي النساء بحقوقهن وتحدي البنى الثقافية التي تكرّس التمييز الجندري.

2. أهمية النظرية في التنشئة الاجتماعية:

- تكشف آليات التمييز الخفي في التعليم، اللغة، والألعاب، وحتى في الكتب المدرسية.

- تسهم في تعديل السياسات التربوية بما يدعم المساواة بين الجنسين.

- تدعو إلى تنشئة تكرّس قيم العدالة والاحترام المتبادل بدلًا من الهيمنة.

3. نقد النظرية:

- تُتهم أحيانًا بالمبالغة في تصوير الصراع بين الجنسين.

- قد تركز على المرأة فقط، وتتجاهل فئات أخرى تعاني من التهميش.

- في بعض اتجاهاتها، تميل إلى التعميم وعدم التوازن في تحليل الظواهر الاجتماعية.

تقدم النظرية النسوية رؤية نقدية مهمة لكيفية تأثير التنشئة الاجتماعية في ترسيخ اللامساواة بين الذكور والإناث. وتدعو إلى إعادة التفكير في أساليب التربية والمناهج والممارسات الاجتماعية من أجل بناء مجتمع قائم على المساواة والاحترام، بعيدًا عن الصور النمطية والأدوار المفروضة.

9. مقارنة بين النظريات

النظرية

تركيزها الأساسي

رؤية الفرد

طبيعة المجتمع

التعلم الاجتماعي

الملاحظة والتقليد

نشط جزئيًا

ديناميكي

البنيوية الوظيفية

التوازن الاجتماعي

سلبي

مستقر

التفاعلية الرمزية

التفاعل الرمزي

نشط

متغير

السلوكية

المنبه والاستجابة

سلبي

مشكل من بيئات خارجية

النقدية

السلطة والهيمنة

مشروط بالبنية

طبقي/صراعي

النسوية

النوع الاجتماعي

مشكل اجتماعيًا

غير متكافئ

خاتمة 

تمثل نظريات التنشئة الاجتماعية حجر الزاوية في فهم كيفية تكوّن الفرد داخل المجتمع، وكيف تتشكل سلوكياته، وقيمه، ومواقفه من خلال عمليات اجتماعية متداخلة ومعقدة. وقد أظهرت القراءة التحليلية لتلك النظريات - من البنيوية الوظيفية إلى النقدية، ومن السلوكية إلى التفاعلية الرمزية والنسوية - أن التنشئة ليست مجرد عملية تلقين أو نقل آلي للقيم، بل هي عملية ديناميكية ترتبط بالسياقات الثقافية والاقتصادية والسياسية، وتُسهم في بناء الذات والهوية وتحديد موقع الفرد في البناء الاجتماعي.

فالنظرية البنيوية الوظيفية ترى في التنشئة وسيلة لحفظ النظام والاستقرار من خلال تنشئة الأفراد على قيم المجتمع، بينما تقدم النظرية السلوكية تفسيرًا قائمًا على المثير والاستجابة، وتختزل الفرد في كائن يتأثر بالبيئة بشكل مباشر. أما نظرية التعلم الاجتماعي فتربط بين التقليد والنمذجة والتعزيز، وتبرز دور النماذج الاجتماعية في تشكيل السلوك. في المقابل، تؤكد النظرية التفاعلية الرمزية على دور التفاعل الرمزي واللغة في تشكيل الذات، وتنظر إلى الفرد كفاعل اجتماعي يشارك بوعي في بناء المعاني.

أما النظرية النقدية، فتطرح بُعدًا أكثر عمقًا، معتبرة أن التنشئة الاجتماعية أداة لإعادة إنتاج علاقات السلطة والهيمنة، سواء الطبقية أو الثقافية، في حين تكشف النظرية النسوية عن كيفية تَرسُّخ الفوارق الجندرية من خلال التنشئة، وكيف تؤدي هذه العملية إلى إعادة إنتاج صور نمطية تقيد النساء في أدوار معينة.

تكشف هذه المقاربات المتنوعة أن فهم التنشئة الاجتماعية لا يمكن أن يتم من خلال منظور واحد فقط، بل يتطلب تحليلًا متعدد الأبعاد يأخذ في الحسبان التفاعل بين الفرد والمجتمع، بين البنية والوكالة، وبين الثقافة والسياسة. ومن هذا المنطلق، تظل نظريات التنشئة الاجتماعية مجالا حيا للتفكير النقدي والمراجعة المستمرة، خصوصا في ظل التحولات التكنولوجية والقيمية التي يشهدها العالم المعاصر، والتي باتت تفرض تحديات جديدة على عملية التنشئة في مختلف المجتمعات.

مراجع

 1. علم الاجتماع التربوي

- المؤلف: الدكتور عبد الباسط محمد حسن

- محتواه: يتناول أطر التنشئة الاجتماعية من منظور تربوي، ويركز على دور المدرسة والأسرة في تشكيل شخصية الفرد.

 2. التنشئة الاجتماعية: مفاهيم ونظريات

- المؤلف: د. حنان عبد الرحمن كمال

- محتواه: يقدم شرحًا معمقًا لمختلف نظريات التنشئة مثل النظرية التفاعلية والنظرية السلوكية والنظرية النقدية.

 3. مدخل إلى علم الاجتماع

- المؤلف: د. أحمد زكي بدوي

- محتواه: يقدم تعريفات ومداخل أساسية للتنشئة الاجتماعية، مع ربطها بالنظام الاجتماعي والهوية الثقافية.

 4. التنشئة الاجتماعية والأسرة

- المؤلف: د. محمد نبيل الشيمي

- محتواه: يناقش العلاقة بين الأسرة كوكالة أولى للتنشئة، ويحلل أثر البيئة الأسرية على نمو الطفل الاجتماعي.

 5. علم النفس الاجتماعي

- المؤلف: د. سامي محمد ملحم

- محتواه: يغطي الأسس النفسية للتنشئة الاجتماعية ويشرح آليات التقليد، التعزيز، والنمذجة من منظور باندورا وسكينر.

 6. بناء الشخصية والتنمية النفسية

- المؤلف: د. عبد الرحمن العيسوي

- محتواه: يوضح مراحل التنشئة وعلاقتها ببناء الشخصية، ويربط بين التطور النفسي والتنشئة الاجتماعية.

 7. التنشئة الاجتماعية ومشكلات المجتمع

- المؤلف: د. عبد الله محمد عبد الله

- محتواه: يربط بين آليات التنشئة والظواهر الاجتماعية مثل العنف، الانحراف، والتفكك الأسري.

 8. علم الاجتماع: النظريات والمفاهيم

- المؤلف: د. طلعت عبد الحميد

- محتواه: يستعرض النظريات الكبرى في علم الاجتماع ومنها نظريات التنشئة الاجتماعية، مع تحليل مقارن.

مواقع الكترونية

1.بوابة علم النفس - نظريات التنشئة الاجتماعية

 يقدم شروحات باللغة العربية حول النظريات النفسية والاجتماعية المرتبطة بالتنشئة.

 رابط: https://psychologydoorway.com/نظريات-التنشئة-الاجتماعية

Lumen Learning - Theories of Socialization. 2

 مصدر أكاديمي باللغة الإنجليزية يشرح نظريات مثل فرويد وميد وباندورا.

 رابط: https://courses.lumenlearning.com/

LibreTexts .3 - التنشئة الاجتماعية والثقافة

 منصة تعليمية تشرح نظريات التنشئة وعلاقتها بالثقافة والمجتمع.

 رابط: https://socialsci.libretexts.org

4.جامعة الملك سعود - مقرر علم الاجتماع التربوي

 موقع أكاديمي عربي يحتوي على دروس ومراجع في نظريات التنشئة.

 رابط: https://faculty.ksu.edu.sa/ar

Verywell Mind - Nature vs Nurture .5

 مقال باللغة الإنجليزية يشرح الفرق بين التنشئة والطبيعة في تشكيل السلوك.

 رابط: https://www.verywellmind.com

Easy Sociology - Nature vs Nurture Debate .6

 موقع تعليمي مبسط يقدم عرضًا لنقاش الطبيعة مقابل التنشئة.

 رابط: https://easysociology.com

Wikipedia - Bioecological Model Bronfenbrenner. 7

 يعرض النموذج البيئي للتنشئة، ويوضح التأثير المتبادل بين الفرد والبيئة.

 رابط: https://en.wikipedia.org/wiki/Bioecological_model


تعليقات